رواية محظية الفرعون الفصل الاول
نقدم لكم الفصل الاول من رواية محظية الفرعون (Pharaoh's Concubine ) الجزء الثاني من المدونة العربية الشاملة.
قراءة ممتعة :)

بدون أدني شك، هذا الشخص ليس رمسيس، من الممكن ان يكون احد احفاده، ربما هو يملك روحه
اخترقت اشعة شمس الصباح النافذة وملأت الغرفة الضخمة. كان غبار الغرفة الذهبي يطفو في الهواء، مثل النجوم تتراقص ببطيء.
سرير ابيض، جدران بيضاء وشاش ابيض. كانت الفتاه تستلقي في غرفة بيضاء. شعرها الذهبي كشمس الظهيرة ينتشر عشوائيا على الوسادة الناعمة. ترتعد قليلا رموشها المجعدة فاتحة اللون، وشفتاها تفتح وتغلق كما لو كانت تتحدث بصمت.
استيقظت فجأة من احلامها والعيون التي كانت مغلقة من لحظه فتحت بشكل حاد. تمعنت عيونها الزرقاء بالسقف الأبيض والأسود. تنفست بفم مفتوح وجسد مرتجف.
للحظة، انسابت دموعها من عيونها الزرقاء الى وجهها الأبيض الرقيق لتسقط على فراشها الناعم
حلمت به مرة أخرى.
ككل يوم منذ 100 يوم، عادت صورته لتظهر في عقلها مرة بعد أخرى. قطع الذكريات بينهما تتحطم وتعود لتتجمع من جديد. اشتاقت لرؤية ابتسامته وغضبه واهتمامه ولا مبالاته.
" لا يهم من تكونين، انا فرعون مصر وهذه الأرض لي. انا بالتأكيد ساجدك"
اخترقت النشوة أعماق قلبها بسرعة تتجاوز سرعة الضوء، جعل قلبها يتقافز لدرجة الموت. على أي حال، في الثانية التالية، تعبيراتها الدافئة تحولت الى ألم عميق.
غطى الدم كل الصورة وتلطخ وجهه وقميصه بدمه.
تدريجيا فقدت عينيه تألقهما الأصلي وتحول وجهه الباسم الى مجعد.
" أي وي، لقائك هو اسعد ... "
كانت خائفة جدا حتى انها لم تستطع الصراخ. نمى شعور من كره ولوم لنفسها في أعمق جزء من قلبها، وكل هذا كان مخفي في اعماق يأسها.
قالت انها تحبه وأنها ستحميه، وما فعلته هو قتلته، وأخذ ستين سنة مما تبقى من عمره. اذا كان التسبب بموته هو ثمن وفائها لحبه، عندها .. عندها كانت ستفضل الا يحبها.
عادت الصورة ثانية، وجهه المحب لها، وكلماته التي جعلتها تستغرق بتفكيرها: " لا أهتم بأن أكون جيدا لاي شخص اخر، انا اريد ان أكون مميزا لكي انتي فقط. أخبريني اين انتي الان؟ "، ادارت وجهها، وصكت اسنانها.
تجمدت تعابيرها في ذلك الوقت و لم تستطع تحمل مشاهدته. لحسن الحظ، ظهر لون ذهبي مبهر حولها والذي منعها من رؤية وجهه مدة أطول. وعند اغلاق عينيها بسبب الضوء في الحلم فتحت اعينها في الحقيقة ليظهر السقف الأبيض البارد امامها.
بعد تلك الحادثة، قطعت كل صلاتها بذلك الزمن القديم.. كان هذا باختيارها الخاص، كانت قد قررت ان تمسح كامل وجودها لتصحيح الخلل الذي حدث في التاريخ بسبب وجودها هناك، وعندما عاد التاريخ لأصله، اختفت هي أيضا من التاريخ منذ حوالي 3 الاف سنة واختفى أيضا حبهما. باستثناء اثار الحرق الخافتة على معصمها، فان كل شيء اختفى بدون ترك أي اثر، كما لو انها لم تذهب الى هناك مطلقا و كما لو ان كل شيء كان مجرد حلم.
اخذت نفسا عميقا، ورسمت ابتسامه صغيره على شفاهها وقامت بفرك عينيها، هي قررت انها ستعيش لأجله.
على الأقل هو الان يعيش في العصر القديم بدونها، بسلام وسعادة حتى لو كانت ليست السبب في سعادته.
ماذا بقي لتندم عليه؟ إذا كان المها واختفاؤها هو الثمن لسعادته وعيشه حياته بسلاسة وسهولة، إذا كان سيحكم مصر لمدة طويلة؟ هل يذكرها الان؟ الى اين ستذهب وما هي علاقتهما معا الان؟
أصدر هاتف غرفتها صوتا فجأة، جاء الصوت البارد ليوقظ ايفي من تفكيرها العميق. صفت ذهنها من مزاجها الفوضوي واتجهت الى الهاتف وضغطت زر الإجابة. انساب صوت مدبر المنزل البارد والمهذب بسهولة عبر الهاتف قائلا " انسة ايفي، حضر السيد اندريو راي لزيارتك"
انصتت ايفي بتركيز الى اسم الزائر، يجب ان يكون اسم اندريو راي لشخص محدد، قامت بالبحث في ذاكرتها لكنها لم تستطع تذكر أي شخص بهذا الاسم ولا تعرف من قد يدعو صديقا لزيارتها.
" هل انت متأكد ان هذا الاندريو راي هو ضيفي انا"؟ لم ترغب ايفي استقباله، هي حتى لا يمكن ان تهتم لشخص قد يأتي للزيارة بدون دعوة.
راودتها الشكوك وظهر ذلك على ملامحها، مدبر المنزل العجوز اتصل ثانية قائلا " يقول الماركيز انه يجب عليك استقبال اندريو راي". تفاجأت ايفي وترددت لحظات ثم اجابت مدبر المنزل بعبارة واحدة " حسنا".
يقع منزل عائلة موديت في ضواحي لندن، حيث يقع قصر العائلة وسط حقول خضراء واسعه وأنيقة. غطى نبات اللبلاب الأخضر الجدران المتأكلة بفعل الزمن وفصلت البوابة الحديدية السميكة القصر عن العالم الخارجي. المزارعون الذين يهتمون بحقول العائلة لم يحظو بفرصة واحدة لاجتياز البوابة الحديدية، كل ما شاهده المزارعون هو السيارات الفارهة التي كانت تجتاز بوابة القصر الغامض تحت الحراسة المشددة بين فترة وأخرى. بالنسبة للمزارعين، سكان هذا القصر هم أناس لا يمكن الوصول لهم، كأنهم من عالم اخر.
عائلة الموديت هي عائلة بريطانية من الطبقة الأرستقراطية، حصلت على لقبها من الملكة البريطانية بنفسها وتجمعها علاقات وطيدة مع العائلة الحاكمة، كما ان هذه العائلة هي المتحكم الأساسي لمجموعه ايرليك. توسعت اعمال هذه الشركة بسرعه كبيرة خلال الثلاث سنوات الماضية لتصبح ثالث أكبر شركة تجارية في أوروبا. في أوروبا حيث الاستقرار الاقتصادي، كان لمجموعة ايرليك تأثير كبير في العائد القومي وتحفيز الإنتاج المحلي لبريطانيا العظمى.
ايفي لا موديت تحتفل هذا العام ببلوغها عمر 18. كأكثر ابنه محبوبة لعائلة الماركيز مودت، وبما انها الأخت الوحيدة لاي اكسيان، فان تحركاتها كانت محط انظار ومتابعة للطبقة العالية في المجتمع. ابنة عائلة موديت أصبحت الان مؤهلة لترتيب زواج رسمي حيث انها بلغت عمر 18 وابن العائلة في عمر 21. حتى قبل ان تبلغ ايفي سن ال 18، حصلت على الكثير من الهدايا. وقد قام عدة أبناء صغار لعائلات كبيرة بإرسال دعوات متكررة لايفي للسفر معهم.
هذه هو السبب الذي يجعل ايفي قلقلة من الزوار هذه الأيام.
لكن الماركيز بنفسه أخبرها ان ترتدي ملابس جيده وان تنزل الدرجات لرؤية شخص من الممكن انه لا يعرفه حتى.
"يا انسة" قال مدبر المنزل العجوز ذو الرداء الأسود وهما في غرفة المعيشة " السيد اندريو راي ينتظرك في غرفة الاستقبال"، اجابته " اين اخي؟" إذا كان اخوها موجودا، كانت لتدفعه ليقابل الضيف الغريب. قال مدبر المنزل " السيد ذهب الى اليونان". " اوه" قالتها بخيبة وانطلقت الى غرفة الاستقبال، يدفعها الفضول لمعرفة ما هي قوة اندريو راي التي جعلت والدها بنفسه يهاتفها من اجل استقباله. هي لا تذكر اسمه من بين القادة المحليين والطبقة الحاكمة والعائلات الكبيرة ورجال الاعمال الذين أنشأوا علاقات ديبلوماسية مع عائلة موديت.
والان هي تواجهه هذا اللقاء الذي لا تعرف عنه شيئا. اعتدلت امام الباب وطرقته مرتين، لم تسمع إجابة. انتظرت ثلاث ثوان وبأدب ادارت مقبض الباب ودخلت الى غرفة الاستقبال.
وقف الغريب بهدوء امام النافذة، وانساب شعره البني الداكن على اكتافه. كان ظهره الطويل ينتصب بفخر. انعكس ضوء الصباح من النافذة ليسقط على ملابسه البيضاء، أعطت هالته الشعور بعبوره الزمان والمكان.
تجمدت ولم تستطع التحرك.
هذا ليس حقيقيا، هذا لا يمكن ان يكون حقيقيا.
هذا الظهر المألوف، يبدو وكأنه قطع الفضاء اللانهائي، وتجاوز مئات الالاف من الاحلام ليصل اليها.
لم تستطع كبح مشاعرها، واجتاحتها موجة من الألم ضربت بأعينها ودموعها كما لو انها ارادت الخروج من صدرها. حاولت جاهدة لتغطي فمها بكفيها ومنع صوتها من الخروج وكشف السبب الذي كاد يحطمها.
من هذا الشخص؟ من هو؟
ادار راسه ببطيء وسقطت ملامحه غير المبالية عليها قائلا ببرود " اتيت هنا حسب الموعد".
في هذه اللحظة تزاحمت الاف المشاعر في قلبها مشاعر الفرحة والخسارة، واليقظة..، وفي النهاية تحولت هذه المشاعر المعقدة الى ابتسامة واهية لتقول له بنبرة يملؤها الأسف
" انه انت ... "
كانت تعتقد انه هو، لكن بعد كل هذا، كان مختلفا قليلا
كان مزعجا قليلا عند ظهور تعبير هادئ مفاجئ على وجهه " لقد سحبتي ملابسي واردتني ان اتي اليك. هانا قد اتيت ويا له من استقبال!!"
بسرعة، رسمت ابتسامه محترمه على شفاهها، رفعت قليلا طرف تنورتها وانحنت له. " صاحب السمو الملكي، اهلا بك"
نظر اندريو راي لعيونها الفرحة بابتسامه، هذه العيون المملوءة بالكثير من الالغاز. منذ 3 أشهر مضت، كان في زيارة لمصر، قبل وصوله لمعبد أبو سمبل، توترت هذه الفتاة وفجأة انطلقت باتجاهه وضمته واجهشت بالبكاء. منع رجال الحراسة الخاصين به من الحركة، وتركها تبكي بكل طاقتها، كان بكاء من أعماق قلبها.
وحده الاله يعلم كيف لفتاه نحيفة ان تمتلك كل هذه القوة، كان واضحا انها لم تملك النية لإيذائه، وقف بدون حراك، وسمح لها بإفراغ كامل مشاعرها ودموعها على قميصه الأبيض.
بعد فترة طويلة، توقفت أخير عن البكاء. عندها ابعدها عنه وسألها بدون أي تعاطف" هل أستطيع الذهاب الان؟"
جعلها صوته البارد تنظر له بطريقة متفاجئة، وظهرت خيبة امل صغيرة في عيونها الواسعة جعلت قلبه يشعر بقليل من الضياع.
رفع فمه وقال بحده " كيف؟ هل انا الشخص الخطأ؟" كانت لا تزال تنظر له بمكر. كان هناك بعض الاضطراب في قلبه، تجاهله ورفع ذقنها بيده " هل انا اشبه شخصا اخر؟ هو تخلى عنك؟ اليس كذلك؟"
ضمت شفتيها وظهر القليل من الألم في نظراتها. في هذه اللحظة، لم يكن جسده خاضعا لإرادته، نظر لها قائلا " ماذا عن البقاء معي"؟
تفاجأت بكلامه ونظرت له نظره خاصة جعلته محرجا قليلا. كان هناك العديد من الحراس والمساعدين حوله عندما قال هذه الكلمات لها، وهو لا يملك فكرة عن عدد الأشخاص الذين سمعوا كلماته، هذه الكلمات التي كانت استجابة لجسده بدون تفكير. لكن على أي حال، لقد سمعه الجميع. إذا رفضته الان، هي لا تملك أي فكرة عن كرامته التي ستضيع امامهم. يمكنه ان يساعدها لكنه سيشعر بالعار لو رفضته " إذا كنتي لا تريدين، فقط دعيني اذهب.. "
" حسنا" قاطعته بينما هو يتكلم بصوت عال، وعادت لتضمه بقوة، رفعت ذقنها الصغير، نظرت له بعيونها الضبابية التي بلون السماء، نظرت له كما لو كانت تنظر لشخص اخر.
كان يريد ان يسخر منها لكنها استمرت بالكلام قائلة " انا ارغب بالبقاء بجوارك، اريد ان أريك الازهار التي أحب، والقصر الذي أعيش فيه، والحقول الخضراء التي املكها. اريد ان اذهب معك للكلية القديمة التي ارتادها واريد الطيران معك".
عندما استوعب كلماتها، قال ضاحكا " انت ايتها الانسة التي لا تعرف كيف تكون طويلة، هل تظني اني لا املك طائرة خاصة او قصرا مستقلا"؟
ضربت كلماته راسها بقوة وتجمعت الدموع في عيونها ثانية. " دعني أبقي بجانبك، انا اريد البقاء معك"
نظرت الى عيونه الكهرمانية، نظرت الى جسده لكنها كانت ترى شخصا اخر من خلاله.
اضطرب قلبه، ودفعها عنه بيديه " هل تعرفين من انا"؟
" لا يهم من تكون، انا ارغب بالذهاب معك" كان صوتها حاسما وكانت عيونها حازمة.
لوح بيده بلا مبالاة سائلا " ما هو اسمك"؟
" ايفي لا موديت، تستطيع مناداتي ايفي" ثم أوضحت بعجلة " امتلك الكثير من الأزهار في منزلي، ازهار وردية وصفراء وبيضاء جميلة جدا. ارجوك هل تستطيع المجيء والقاء نظرة عليها؟"
" من يهتم بالأزهار التي في منزلك؟" قال بسخرية." منذ أنك فرد من عائلة موديت، فيجب عليك الحذر من الإفصاح عن هويتك في المستقبل"
أصبح لون وجهها شاحبا بعد سماعها لكلماته. وبشكل متعمد لم يذهب لزيارتها، لوح بيديه لها وتجاوزها مع مجموعه من حراسه الشخصيين والمساعدين.
بصوت هش ومصدوم قالت " انا أعيش في لندن، ارجوك، تعال لزيارتي.. "
لمئة يوم تالية، هو لم يستطع محوها من عقله.
كما لو انه منذ وقت طويل جدا كان معتادا على صوتها.
كيف اتى الى هنا؟
منذ ذلك اليوم، ظننت انه لا يوجد تقاطعات في هذا العالم، لكن بطريقة غير متوقعة هو ظهر هنا.
هو لا يشبهه بالضبط، لكنه يملك هذا المظهر المدهش. هذه العيون الكهرمانية، انفه المستقيم، شفاهه الغليظة، جسده القوي حتى صوته اللامبالي ينتج موجة من الوضوح الغريب.
لكنه ليس هو، هذا اندريو راي انه الأمير الحالي لإمارة مونوكو.
الأمير المشهور، مظهره الجميل جعله مشهورا، مع ان مظهره يتعارض مع قوة بلده. جدته لامه هي أشهر نجوم الأفلام "جراس كيلي" وهي أيضا تجري في عرقها دماء العائلة الملكية. اندريا البيرت بيري، هي أجمل القصص الخيالية في هذا العالم.
لكن..
بالنسبة لهذا الشخص، لا يهم مقدار النبل او الجمال، هو دائما يشعر بانه قد اضاع شيئا ما.
" صاحب السمو الملكي، لو كنت اخبرتني قبل زيارتك، كنا رتبنا استقبالا مناسبا حسب البروتوكولات الدبلوماسية"، فهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها لقاء بين عائلة مونوكو الملكية وعائلة موديت، لذلك يجب ان تخضع اللقاءات لترتيبات اتيكيت مناسبة. في الماضي لم تكن هناك أي علاقة بين العائلتين، لكن الان، كان الأمير غير رسميا وجاء للزيارة فجأة. باي حال ايفي لم تفكر انه هو باي حال.
" كيف؟ قمت بتقديم طلب بالفعل" اجابها بنبرة باردة ممزوجة بالقليل من التعسف. لم تستطع فعل شيء لكنه بدى انه يكبح شيئا ما بقلبه، لذلك ضحكت بينما لم يستطع هو ان يضحك.
كيف أستطيع زيارة لندن؟
" الم تخبريني ان اتي لرؤية الازهار الجميلة؟ أتيت لكي اراها" استدار اندريو راي وجلس بغير رسمية على الكرسي ينظر الى الحديقة الخضراء خارج النافذة.
" اين هو؟ "
كان هذا في الحقيقة مجرد عذر، انه بالفعل بداية الخريف ولا بد ان تكون الازهار قد ذبلت. الأشخاص الذين لديهم اقل معرفة عن الذوق العام يعلمون انه لا يمكن مشاهدة ازهار متفتحة في هذا الوقت من العام. في داخله هو يعلم انه ما جاء الا لرؤيتها بعد ان كان غير قادر على نسيانها لمدة ثلاثة أشهر. هو لم يستطع نسيان مظهرها، صوتها، بكاءها وطلبها منه ان يأتي الى لندن لزيارتها. مع مضي الوقت، الوجه الذي يجب ان ينسى أصبح واضحا أكثر وأكثر. مرور كل هذا الوقت جعله يتذكر كل لحظة من لحظات ظهورها امامه. عيونها العميقة المتلألئة، رموشها السميكة، عيونها الزرقاء الصافية، انفها الدقيق المستقيم، شفاهها الوردية الدقيقة، بشرتها البيضاء، وشعرها المنساب.
بدى له انه قد مرت عدة سنوات وهو يفكر بها، وبكل تعبير اظهرته وكل حركة أتت بها. متى اغلق عينيه فان وجهها الجميل يظهر بوضوح في عقله، مما جعله محتار جدا. كان هناك العديد من النساء الذي قابلهن بحياته، بعضهن كان معهن على اتصال دائم، لكنه لا يستطيع تذكر اسم أي واحدة منهن ولا حتى شكلها.. وهو يعرف نوع الفتيات الذي يفضله أكثر من أي أحد اخر- فهو يفضل الفتاة الطويلة، العاطفية والناضجة قليلا، وبالتأكيد يجب ان تجيد الطبخ في المنزل. على أي حال، فان هذه الفتاة، الانسة الصغيرة مع جسد صغير ووجه طفولي قليلا، فتاة يجب ان تكون غير مختلفة عن غيرها من الفتيات، لكنها جعلته يشعر بالارتباك وعدم القدرة على تركها.
لم يعتقد انه وقع بحبها، لكن تفكيره يبدو خارج عن سيطرته، انها ببساطة تتحكم بكل تصرفاته وتفكيره، لهذا لم يستطع تجاهلها في عقله، هو لسبب غير معروف يصبح مختلف عن نفسه بسبب شخص لا يملك أي عمل معه. هذا هو سبب قدومه هنا في هذه الزيارة الخاصة للندن، ليس لديه سبب اخر، فقط يريد ان يفهم ما يحدث له.
" نعم، سموك، ارجوك تفضل بمرافقتي". لوهلة، نظرت له الفتاة التي ظهرت في ذاكرته مرات لا تحصى مع ابتسامه على وجهها. " ارجوك دعني اخذك لترى أجمل ما في لندن من ازهار"
" انت.. "
في لحظة كانت ايفي قد ضغطت على زر معلق على الحائط، وجاء صوت مدبر المنزل من الميكرفون المثبت في الحائط " نعم انسة أي وي"
" جهز السيارة، سأذهب للبيوت البلاستيكية مع صاحب السمو"
" اعذريني يا انسة، أي سيارة تفضلين؟" تساءل مدبر المنزل.
اجابت ايفي بشكل قاطع" سأستخدم السيارة التي استخدمها بالعادة" و انهت المحادثة، ثم استدارت لاندريو راي، كانت عيونها الزرقاء صافية كالسماء، صوتها الهش كان سعيدا قليلا " نستطيع الذهاب الان".
بينما كانا يمشيان في القصر، كانت السيارة تصطف امامه بهدوء. لم تكن سيارة بمظهر رسمي. كانت سيارة تعمل بالطاقة الشمسية النظيفة، ذات لون اصفر مع مظلة لطيفة المظهر. في مؤخرة السيارة كان هناك نقش دقيق لزهرة، وخططت اجنحة السيارة باللون الذهبي. كان يبدو على ايفي انها ستحدث ازمة مرورية في الحديقة.
كانت السيارة غير مناسبة لمكانة الضيف لذلك تردد قليلا. وكان الأمير يفكر أيضا، لكن ايفي كانت قد تحركت بالفعل وكانت ابتسامتها المشعة تنعكس على السيارة الصفراء. ابتسمت وقالت " سموك، انت مخطئ"
كانت ابتسامتها مشرقة جدا، كان يبدو كأنه رأى شروق الشمس المبهر من خلال ابتسامتها. كان بالكاد يستطيع ان يفتح عينيه ولم يستطع النظر امامه، قلبه بدا بالخفقان بقوة، وضربت تعابيرها بقوة في صدره، وبدا تنفسه يفقد ترتيبه الهادئ.
" سموك؟ " جلست في السيارة الصغيرة ونظرت اليه مع ابتسامة. كان يبدو كالمراهق الذي يتذوق الحب لأول مرة، وكان منزعجا جدا بسبب ارباكه الكامل. من اين أتت هذه المشاعر المزعجة؟ تردد اندريو راي واخذ نفسا عميقا في محاولة منه ليبدو طبيعيا ومشى باتجاهها. جسده الطويل تقلص في المساحة الصغيرة في السيارة مع شعور خفيف بعدم الراحة. بغير قصد لامس مرفقه ذراع الفتاة البارد، ابعد يده بسرعة، شعر بيده ساخنة كان شعلة من اللهب خرجت من مرفقه.
" سنغادر الان" قالت ايفي مع ابتسامة على شفتيها، لكنها لم تلاحظ التعابير غير الطبيعية على وجه اندريو راي.
تحركت السيارة بهدوء خارج القصر واتجهت نحو الحقول الخضراء الواسعة خلف القصر. كان المروج المشذبة نابضة باللون الأخضر طوال العام، وكانت الرياح الرطبة تتدفق على البشرة معطيه شعورا مريحا.
" صاحب السمو، إذا كنت تستطيع رفع نفسك قليلا فإنك سترى الحقول الخضراء أكثر"، هز اندريو راي راسه قليلا وفكر: كيف لمساحة مفتوحة ان تبدو أطول؟ لكنه رفع راسه وشاهد المساحة امامه. " تستطيعين مناداتي اندريو راي، لا يجب عليك ان تستخدمي صاحب السمو"
فجأة اقشعر جسمها قليلا، بدت كأنها انتبهت لهذا الان، تلفتت حولها ثم نظرت لاندريو راي. ضربت نسمات لطيفة من الهواء كتفه وكشفت عن ملامح وجهه الحادة، وعيونه البنية الكهرمانية الواضحة في ضوء الشمس. لفترة من الوقت كان عقلها مشوشا، من هذا الرجل حولها؟ ومن هو الشخص الذي تتحدث عنه دائما؟ من هو؟
كيف اضاعت نفسها هكذا؟
كانت تعلم شيئا واحدا فقط، النظر الى عينيه تسبب لها الما في قلبها، هي لا تستطيع مناداته باندريو راي.
انها تفضل ان تناديه " صاحب السمو" وهي تتخيل انها تنادي شخصا اخر، وريث صغير لمملكة قديمة
" ايفي؟ " الاختلاف البسيط في صوته فاجأها، وعاد لها تفكيرها وأصبح تركيزها الان مع الشخص بجوارها، لعشر الثانية، وقبل ان يسال، ضغطت على زر بشكل زهرة في يدها.
يجب ان يسألها عن ماذا تفكر، لكنها لا تستطيع اخباره بتفكيرها الحقيقي.
انطلقت السيارة الصفراء بين زوجين من الاجنحة المعدنية، وانساب الهواء تحت جسم السيارة المتحركة. انسابت السيارة التي تعمل بالطاقة الشمسية وطفت ببطيء على بعد متر واحد من الأرض، ومع ارتفاع بسيط لكنه كاف لرؤية الحقول.
تفاجا اندريو راي والقى نظرة على ايفي. هذه السيارة غالية جدا، ليس فقط لأنها اقتصادية في الاستهلاك انما لأنها تستخدم أحدث تقنيات الطاقة والتحريك. كان قد سمع ان ايفي ليست طفلة من عائلة موديت، لكن بالنظر الى الرفاهية التي تتمتع بها، فإنها لا بد ان تكون عزيزة جدا لماركيز موديت.
" هل تعلم؟" احنت ايفي راسها بأدب، عكس شعرها الذهبي على بشرتها البيضاء، عيونها الزرقاء بزرقة الماء انعكس وجهه خلالهما. " قلت لك من قبل، هذا صحيح" انا اريد ان ترى الازهار التي أحب، وان تشاهد القصر الذي أعيش فيه وهذه الحقول الخضراء الواسعة اريد ان اطير معك، انا أفكر..."
" ابقى بجانبي" اكمل كلامها، و كان هناك لمحة لحب صامت في عيونه الكهرمانية. شعرت ايفي بالكثير من مشاعر الأسف تتدفق من قلبها. عضت شفتها السفلى قليلا، لكنها لم تستطع ان تومئ برأسها. فقط امسكت مقود السيارة امامها ونظرت في المساحة امامها.
" صاحب السعادة، توجد الازهار في امام..." قالت بضعف، في محاولة لتغيير موضوع الحديث
حدق فيها بلا تردد، كما لو انه يحاول اختراق تفكيرها ليعرف سبب استخدامها لكل هذه القوة لتمويهه، قال بصوت مألوف ببطيء، بنبرته الباردة كأنها قادمة من أعماق البحر. " عندما تحدقين في عيوني، من هو الذي تنظرين اليه؟"
صدمت من كلماته، وفقدت يدها الممسكة بالمقود طاقتها، وبدأت السيارة بالالتفاف بعنف، اقترب منها و امتدت يده الدافئة لتمسك مقود السيارة فوق يد ايفي الباردة، واجبرها على إيقاف السيارة ببطيء و بسلاسة على الأرض.
" انا حقا اسفة" قالت ايفي باعتذار وهي تحاول سحب يدها من تحكم يده.
شدد قبضته على يدها، غير راغب بالسماح لها بإفلات يدها من تحت يده، هذه اللمسة الباردة الناعمة مألوفة جدا، كما لو انه منذ زمن طويل مضى، قام بمسكها بقوة وحدق بها وأخبرها بأجمل وارق كلمات في هذا العالم
تصرفه هذا كان خارج سيطرته بالكامل.
" انسة ايفي؟ "
في هذه اللحظة، كسر صوت رجل الجو الثقيل بين الاثنين، استيقظ الاثنين من احلامهما و نظرا باتجاه الرجل ابيض الشعر الذي ظهر فجأة بجوار السيارة، كان محني الظهر و اسرع الى السيارة لمساعدتها " انت بخير؟، رأيت الان كان سيارتك كانت ... "
ولكن في اللحظة التي وصل خط نظره الى اندريو راي، توقف صوت الرجل العجوز فجأة. وقف هناك يرتجف غير قادر على قول أي كلمة أخرى.
القى اندريو راي نظرة سريعة على الرجل ثم ركز اهتمامه على وجه ايفي. ثم ببطيء أطلق سراح يدها، واستعاد صوته طبيعته ونبرته غير المألوفة. " إذا انا سأقول الى اللقاء..." بعد توقف قصير، لمس شعرها الذهبي وقال بلطف " ساراك مرة أخرى قبل عيد مولدك ايفي".
ارادت أي في قول أي شيء، لكن اندريو راي كان قد استدار وغادر بالاتجاه المعاكس، شهقت ايفي وتبعت السيارة قائلة لظهر راي " يا صاحب السمو، هذه الزهرة..." بلطف حرك يديه مقاطعا ما كانت ستقوله ايفي تاليا، وأسرع خطاه ذاهبا.
وقفت أي وي في مكانها ونظرت للمسافة بينهما، لكنها لم تستطع اخذ خطوة لمسكه وارجاعه.
في تلك اللحظة، هل كان سيقبلها؟ هل كانت ستهرب من قبلته؟ لو ان هذا المزارع العجوز لم يظهر هل كانت.. ستقبل؟
" هذا الشخص ليس رمسيس"
ماذا؟
سمعت اسم قديم ومألوف في اذنها، عادت ايفي بغير تصديق ونظرت الى العامل العجوز الذي كان واقفا يرتجف. والذي كان يراقب ايفي باندهاش، والصوت الرمادي الفوضوي فجأة اشع بعض الأضواء الغريبة. ارادت ايفي فتح فمها. قاطعها بكلامه السريع قائلا" بلا شك هذا الشخص ليس رمسيس، يجب ان يكون أحد احفاده، ربما ... تناسخه الالف"
____________________________________________________________________
تابعو صفحتنا على الفيس بوك لتصلكم الاشعارات فور صدور الفصل من هنا
2 تعليقات
كرهت رمسيس الذي بعالمها (اندريو راي) مغرور جدا
ردحذفوتصرف ايوي سيء ايضا �� هو شخص غريب كيف تتصرف هيك
شكرا على الترجمة
ببكي وربي اغغ رادء اهههممممم ليه رمسيس الماضي أحبة رحعووهم 😭😭😭😩😩💔💔💔😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭😭
ردحذف