رواية محظية الفرعون الفصل السابع
نقدم لكم الفصل السابع من رواية محظية الفرعون (Pharaoh's Concubine ) من المدونة العربية الشاملة
الفصل السابع: ضباب
اغلق عينيه بقوة، كان يشعر بالضجر، الارباك، والاضطراب في قلبه. ماذا يجب عليه ان يفعل؟ كيف يجب عليه توضيح الامر... في ذلك الوقت، اقتلها.
في منتصف تلك الليلة، حل ظلام دامس غطى فناء القصر والأشجار.
كان صوت صفير الريح يملأ المكان، وصوت النيل الهادئ تردد ببطء في اذنيه.
في غرفة قراءته الواسعة، هو فقط الوحيد هناك. امسكت أصابعه النحيلة بورق البردي بقوة، حتى تحولت أماكن ضغط أصابعه على البردي الى اللون الأبيض. كانت عيونه البنية تنظر بإحكام الى الامام، كما لو انه يستطيع اختراق الباب الخشبي السميك بنظراته.
كما هي العادة، بعد عدة أيام من الأمور السياسية، ولقاءات الغداء، جلس في غرفة القراءة لينظر في الوثائق الضرورية. بعض الأحيان يقوم ليتاهو بإلقاء نظرة واخبار الفرعون عن التغيرات التي تحدث في البلاد المجاورة.
بعض الأحيان يأتي مينتوس ويقدم تقارير عن حدود مصر، مؤخرا أصبحت نيفرتاي تأتي وتبكي الاميرة الصغيرة.
الامر يشبه الماء في بحيرة اللوتس، فانت لا تستطيع إيجاد اثر للسلام في كليهما.
منذ اليوم الذي اعتلى فيه العرش، لم يستطع العالم مفاجأته بشيء. الإمبراطورية، الأعداء، الدول المجاورة، النساء، الشعب، كل شيء تحت سيطرته، كل شيء صغير بالنسبة لمخططه الشامل. احجار شطرنج صغيرة. بعد سنتين من موت والده، وفي الإمبراطورية الواسعة، تم تنفيذ مخططه بالترتيب الصحيح تحت اشرافه، خطوة بعد خطوة باتجاه غد واضح.
لكن الان على لوح الشطرنج الذي يتحكم به، هناك قطعة غريبة.
هذه القطعة كانت بشكل طبيعي واحدة من الاف القطع التي يتحكم بها. في السنوات القليلة الماضية، كان يقبض عليها بين يديه بسهولة. تواضعها ووجودها البسيط جعل لديه الرغبة في مسح هذه القطعة بالكامل من على لوح الشطرنج الرائع خاصته. فقد وضع مخططا وانتظر فرصة لسحق وجودها بالكامل. على أي حال، فان هذه الحركة البسيطة لم تحقق رغبته. منذ اليوم الأول حيث صمدت وبقيت على قيد الحياة، فهي أصبحت قطعة خارجة عن تحكمه ولا يستطيع تجاهل وجودها أيضا.
بدأت بجعل تصرفاته غير متنبأ بها.
لازالت غريبة بشعرها الفضي اللون.
لا زالت غريبة بعيونها الرمادية.
لا زالت بجلد ابيض شاحب.
لا زالت الفتاة المولودة من عشيقة والده.
لكنه لا يتذكر رؤيتها هكذا من قبل ابدا. لديها الشجاعة لتقف وتحمي خادمها عندما كان الفرعون غاضبا. انها قوية جدا، تستطيع الابتسام وقول انها تنوي فعل أي شيء للفرعون حتى عندما كان يسخر منها، حتى انها تملك أفكارا حول وضع مصر، كوش، الحيثيين وسوريا وبلادا أخرى اشارت اليها بوضوح.
على ضفاف شجيرات اللوتس، اشعة الشمس الذهبية وبركة الماء الزرقاء منحته وهما غريبا. حركتها الخارجة عن سيطرته ازعجته. وعندما كان غاضبا، قرر ان يجبرها على تغيير مصيرها. هو بسذاجة حاول اثبات ذلك بكل الوسائل. التحكم المطلق بهذه القطعة الصغيرة. على أي حال، فان ردها الهادئ جعل قلبه أكثر فوضوية. عند رؤيتها الليلة، حاول جعل صوته باردا ولا مباليا قدر استطاعته. حاول مقاومة وهم القماش الشفاف بتذكير نفسه ان هذا الشعر الفضي هو لأخته التي يزدريها ويهينها والتي كانت حوله لأكثر من عشر سنوات.
لكنه أيضا يعرف انها ظهرت بتهور امام عينيه بحيث لا يمكنه انكارها، والتي هربت من سيطرته بالقوة. ما يجعله غير متوقع أكثر كان تصرفها الشجاع الذي لم يثر غضبه، انما بالمقابل، جعله يريد ان يعرف ما تنوي فعله.
في ذكرياته القليلة عنها، هذه الأخت المقرفة كانت تختبئ منه، دائما كانت تنظر له بنظرة ماكرة ولم تجرؤ ابدا على السؤال والاعتراض على أوامره.
هو فعلا لا يستطيع التفكير فيها، فهي قد ملكت الجرأة على الانطلاق نحوه ومقابلته، وقالت كلمتها بكل ثقة " التفاوض".
ومع كل ذلك، فإنها أكثر ذكاء وحدة مما اعتقده دائما عنها.
ليتاهو، مينتوس، وجميع من لديهم سلطة عالية حوله، من منهم سيقول للفرعون عن شروطه؟ حاول استذكار كل من يستطيع تذكرهم من أصحاب السلطة حوله، الا انه لم يستطع التفكير في شخص يجرؤ على التكلم مع الفرعون عن شروطه الا فتاة، اخته.
حاول بعناية إخفاء التردد الصغير الذي شعره بقلبه في تلك اللحظة. أراد اكمال الاستماع، ما الذي تريده؟ هو يريد معرفة ما تفكر فيه.
تحدثت معه عن الشروط. مع ذلك كانت الشروط ثلاثة فقط، علم بوضوح من بداية كلامها ان الشرط المهم الذي يجب عليه التركيز فيه هو اخر شرط.
عندما انهت شرطها الثاني، استدار ذقنها الصغير ببطء ونظرت اليه.
بدت عيناها كأنهما ينظران الى مكان اخر غير هذا المكان. حدقتاها المغطيان برموش كثيفة كانت بطريقة غير متوقعة مملوءة بالضباب. كان من النادر له رؤية عينين ضبابيتين، حدث ذلك مرة واحد بعد حلم جميل، مشى خارج الغرفة. في الصباح المبكر حيث لم تظهر الشمس بعد، رأى ضبابا خفيفا يغطي طيبة، كان مشهدا غريبا حدث ذلك اليوم. بعد ان اشرقت الشمس ومزقت سحب الضباب.
في تلك اللحظة، مشهد عينيها كان كالضباب، لكنه كان ضبابيا بشكل لم يره من قبل. لا يهم كم فكر في الموضوع، لم يستطع فهم أي من افكارها.
هو لا يعلم السبب، لكنه لا يريد منها ابداء تلك النظرة ثانية.
للان اعتقد الفرعون انه وافق على تحقيق شروطها الثلاثة بلا تفكير لأنه أراد منها الذهاب لكوش ومساعدة مصر والإمبراطورية... لكن في هذه اللحظة، خرج بفكرة عجيبة، أملا ان يكون شرطها الثالث سببا في بقاءها في مصر و عدم الذهاب لاي مكان اخر.
لماذا؟
في تلك اللحظة، شعر بدافع عجيب تجاوز كل تحليلاته العقلانية. شعر وقتها انه سيعدها باي شيء تطلبه، وسيعطيها أي شيء تريده. مهما كان الامر جديا وخطيرا، ممكن التنفيذ او لا.
طالما هي التي تطلب وتقول، فانه سيحقق لها ما تريد مهما كلفه الامر.
هل ذلك لأنه يلعب الشطرنج؟ او لان قطعة الشطرنج هذه تربك نفسه؟
انتفض فجأة، والضباب في عينيها بدى كأنه ملأ السماء في تلك اللحظة. واخذ يصب في قلبه مع ايماءة نصر.
" ثالثا؟ انا مكتفية بك" نطق بها بدون تفكير، وكانت الجملة مختلفة تماما عما قالت. بعيدة جدا عن ان تكون مزعجة له، وكانت غير قابلة لسحبها.
في تلك اللحظة من الارتباك، تبدد الضباب من عينيها، عيونها الصافية كانت تلمع. نظر لعينيها بحدة ولكنه أيضا لم يستطع قراءة شيء فيهما.
" ما اريده هو عين حورس"
عندما قالت ذلك، راي ابتسامة على شفاهها. ما هي عين حورس؟ لقد وعدها! كم سيكون صعبا هذا! لم تطلب عين حورس لأنها تريد مساعدته، هي لا تريده ان يكون سعيدا كما قالت. تحولت الأمور للحصول على الكنز السري الذي ارادت الحصول عليه لمغادرة مصر، للذهاب الى المملكة القديمة والزواج من رجل أخر.
هل هو فقط المرتبك في داخله؟
شعر فجأة بالغيظ، غيظ كبير لدرجة انه لم يستطع السيطرة عليه.
" حسب ما قلته، فان حصولك على عين حورس تعني أنك ستبدئين بسرعة!". في تلك اللحظة رآها اغلق عينيها بقوة وتأخذ نفسا عميقا، لم يستطع فهم إذا كان تعبير وجهها معبرا عن الألم او الرضا. استدار وهرب عائدا الى كرسيه والتقط قطعة من الورق. لكن عقله كان ممتلئا بالأفكار الغير مترابطة، لا يوجد شيء يلفت انتباهه على جوانب الطاولة، انما ركز انتباهه مباشرة عبر الطاولة الضخمة امامه الى اخته...
اعتاد على كرهها كثيرا، لذلك كان سعيدا جدا للسماح لها ان تكون بيدقا سيذهب بعيدا عنه. لكن الان، لا يستطيع الاستمرار في انكار حضورها، كما لو ان كل خليه من جسمه تتحسس وجودها.
ما الوهم في هذا؟ هل يستطيع أي أحد اخباره؟
هذا التردد جعله ضجرا وجعله أيضا ... خائفا.
بدى كأنه يوجد دائما شيء ليقلق بسببه.
وضع الورقة بعنف، واراح راسه على ظهر الكرسي. الشعر البني انساب على اكتافه. اغلق عينيه بقوة، لم يكن هناك مشكلة، تردد او قلق في قلبه. ماذا يجب عليه ان يفعل؟ كيف يجب عليه توضيح الامر... في ذلك الوقت، اقتلها!
امسك رداءه الرقيق على صدره بيده اليمنى، وانفرجت رموشه الجميلة بصعوبة.
لكن الان... هل أستطيع الحصول عليها؟
فجأة، لم يرغب بالذهاب لاي مكان، أراد فقط النوم. في الاف الليالي السابقة، أراد فقط رؤيتها... هي فقط من تستطيع اراحة مزاجه الفوضوي وإزالة كل ارباكه هذا.
" أيها الاله حبيب، ارجوك دعني انام، اريد الاستغراق في النوم، اريد رؤيتها ثانية في احلامي..."
هبت الرياح على أشجار السرخس مصدرة صوت حفيف هادئ، تحركت انوار المشاعل حوله مع حركة الرياح، ساحبة ظله وجاعلة منه طويلا وحيدا على الأرض. امتزج صوت حفيف الأشجار مع صوت هواء الليل المنعش، مرة بعد مرة، كترانيم هادئة في الأجواء.
4 تعليقات
شكرا على الترجمة ✨
ردحذفالعفوو <3
حذفشكرا جدا على الترجمة
ردحذفممكن تكملون باقي الفصول
ممكن تكملوها بليز تجنن
ردحذف