رواية محظية الفرعون الفصل الخامس




رواية محظية الفرعون الفصل الخامس



نقدم لكم الفصل الخامس من رواية محظية الفرعون (Pharaoh's Concubine ) الجزء الثاني  من المدونة العربية الشاملة.


قراءة ممتعة :) 



رواية محظية الفرعون الفصل الخامس



الفصل الخامس: الفتى وينتر


لا يهم من هو، من اللحظة التي تامر صاحبة السعادة بها حاشيتها، وينتر هو رجل صاحبة السعادة. كل شيء يبدأ من اهتمام صاحبة السعادة، و كل شيء يعتمد على صاحبة السعادة، لهذا لن يكون صاحبة السعادة مخطئة.

" تهانينا يا صاحب السعادة"

في البيت الصغير حيث عاشت ايفي يوما، كان اليومان الماضيان هما الاكثر حيوية، ضابط الشؤون الداخلية، مع مجموعة من الخدم والنادلين مرتديين ملابسهم بدقة واحترام، اتو الى مكان اقامة ايفي وقدموا لها هدايا من الفرعون. مجوهرات، زيت السمسم، ملابس صينية. المجوهرات مصنوعة بأيدي أشهر مصنعي المجوهرات، وكلهن فريدات ومميزات.

مصر، قبل ثلاثة الاف سنة، قادت الاتجاه الاشهر في جنوب اسيا، والعائلة الحاكمة التي سادت في المنطقة هي أصل الزخارف العصرية. بعد ان حققت الملكة نيفرتاي الاهداف على المنصة العالية، كل الفتيات الشابات من طيبة ستنافس لتقليد ملابسها.

اي وي كانت في مقدمة الاتجاه بارتداء أفضل الازياء التقليدية. ثوب ابيض وذهبي من الكتان مع تاج من الذهب او الماس، قلادة من اللازورد، الخرز من العقيق الابيض، الاقراط المزينة بالجمشت، اساور محفورة من العاج، كل شيء كان يستخدم سابقا، اكثرها تقدما وأفضل المواد جودة كانت مستخدمة فقط من العائلة الحاكمة.

هدايا الفرعون ارسلت الى غرفتها دفعة واحدة، احتلت الصناديق الكبيرة والثقيلة غرفتها الصغيرة، راقب الخادم العجوز بانزعاج وزير الشؤون الداخلية وهو ينظم دخول الخدم والنادلين وخروجهم من الغرفة، كان البيت مضطربا قليلا، نظرت حولها، ثم ارجعت ظهرها واسندته على الكرسي ونظرت الى الهدايا القيمة بلا تعابير.

عندما انتهوا اخيرا من العمل، قال وزير الشؤون الداخلية بلهجة محترمة الى ايفي " سعادتك، هدايا سعادته اصبحت جميعها هنا وسأقرأ الان القائمة لك... "

لم تنظر ايفي له، فقط اشارت بيدها قليلا، مشيرة الى انه لا داع ليقرأها.

انحنى وزير الشؤون الداخلية بعد ذلك بكياسة واشار بيده للخادم وخرجا من غرفة ايفي.

تنفست ايفي بارتياح واكملت الجلوس بملل على كرسيها.

جاء الخادم العجوز وقال وهو يرتجف قليلا" سعادتك، هل الشائعة التي تدور في القصر صحيحة؟". لم تجب ايفي، حملت تنورة بيضاء من الكتان بلطف من الصندوق ونظرت بلامبالاة. كانت بملمس شفاف تقريبا، مطوية بدقة وبغرزات مخفية، بملمس الريش الناعم. تذكرت كل شيء حدث في ممفيس، والان الغرفة التي بنيت بسرية لها اصبحت ممتلئة بأشياء انثوية غالية ورائعة. حتى اليوم، هي تدرك ان ما تريده ليس المواد المتقنة انما تريد الحب المخفي في داخلها، وهو الشعور العميق خلف هذه المواد الباهظة الثمن.

رمت التنورة جانبا، واسندت جسدها في كرسي كبير ودخلت في تأمل عميق.

في المئة يوم التي عادت فيهن الى المستقبل، لم تنسه يوما. وجدت جميع الكتب التي تناولت تاريخه، وقراتهن بتفاصيلهن، وبحثت عن مقالات عنه. قراءاتها العميقة وذاكرتها القوية ساعدتها لتسجل بوضوح التقسيم الجغرافي لمنطقة غرب اسيا وشمال إفريقيا والوضع في هذه الدولة قبل ثلاث الاف سنة. من خلال الحكايات الشعبية التي انتقلت من جيل لأخر، و من خلال تحليل و دراسة بواقي المومياوات، استطاع الناس في العصر الحديث من استكشاف تلميحات عن العصر الجليدي حتى امتداد الالفية الجديدة، ووصفوا بدقة تفاصيل تلك الفترات الزمنية.

مصر على ضفاف النيل، عندما اعتلى ديناستي رمسيس الثاني العرش، لم تكن مصر هي أكبر دولة في المنطقة، انما كانت واحدة من اقوى الدول في حوض البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر. سوريا، ليبيا، اشورا، نوبيا كانوا في تطور سريع، لكن لم تهيئ الظروف لهن بعد، استسلمت هذه الدول لقوة مصر لمدة طويلة حتى لو كان بالاسم فقط. دولة الحيثين لوحدها وقفت في الجانب الاخر من البحر الابيض المتوسط، وطمعت بأرض مصر الغنية وتجرأت على نقل الحديد. جاءت قوتها بأثر عكسي واصبحت أكبر منافس لرمسيس الثاني خلال 67 سنة. حتى بعد مرور عدة سنوات عن الحرب مع كاديش، لازالت الدولتان في حرب، وكل حركة لاحد الطرفين تكون محددة بقوة الطرف الاخر. الحيثين هي العدو الاستراتيجي لمصر ولها الاولوية لضمان امن الدولة.

العاهل خلف ملك الحيثين والداعم له، لا يهم كم تغير الوقت والمكان، فانه يبقى العدو الاقوى لقلب رمسيس.

تؤمن ايفي ان كل شيء يفعله رمسيس يوجد خلفه سبب واضح، فهو يتسم بالحكمة والهدوء، عندما كان بعمر اقل من 20، استطاع تحمل الاصفاد لمدة ثلاثة سنوات، والقضاء على سم الاورام في القصر فقط في نهاية المأدبة، في بداية خلافته، سيقضي على التحالفات في ليبيا والحيثيين وسيحبط المؤامرة المحبوكة ضده في القصر. انه يبقي كل الامور بين يديه ويلعب بين الاخطار و مع ذلك يتجنبها جميعا. كل قرار اتخذه كان بناء على تفكير طويل لذلك هو ينتبه بشده للتفاصيل.

اذن ...

ما هو السبب لتزويجها لنوبيا؟

قبل ثلاثة الاف سنة، كان نوبيا معروفا كالمملكة القديمة، تقع في جنوب مصر على الحدود مع مصر العليا. هذه الدولة على الحدود مع مصر وتفصلها عن افريقيا السوداء، ابو سمبل الشهير، عرف لاحقا بالجزء الشمالي من نوبيا.

مرت عشرة ايام منذ قرر تزويجها لنوبيا، لم يتم تأكيد موعد مغادرتها، لكن انتشرت الاخبار حول سفر ايفي الى نوبيا. عرف عامة الناس ان الفرعون اعترف بنسب ايفي وانه قرر تزويجها للملك القديم.

هي لم تعرف ان كان يكرهها، فهو كما قال، يستطيع اعدامها في الصحراء. إذا كان الزواج لأسباب سياسية، ففي حقبة رمسيس الثاني، تستطيع وصف العلاقة بين مصر ونوبيا بملايين الطرق، لكن من الاكيد انه لا يمكن اثبات مقولة " جيدة للأجيال" كعذر لهذا الزواج.

بالنسبة لدولة مشكلة من عدة قبائل، يجب ان تكون اوامر مصر منفذة لديهم بسبب هزيمتهم، كيف يخطط لان يكون متساويا مع شعوب مكبلة مهزومة؟ إذا كانت هذه الافتراضات غير صحيحة، ماذا يمكن ان يكون ما يسمى بالأسباب السياسية؟

ما يجب ان يعرفه هو ان خطته هذه ستكون مساعدة عظيمة لهم. هو أرسل هدايا باهظة، ليس فقط مواد خام غالية، انما ملاحظة للعالم. ايفي اميرة، اخت فرعون مصر العظيمة، واليوم اعترف الفرعون بدمها الملكي. هو أكد مكانتها من جهة، ولم يكن أكثر من اقتراح صامت، هي ستذهب الى نوبيا بناء على طلبه لتكمل مهمة مجهولة.

هي تستطيع مساعدته، يجب ان تكون سعيدة، لكن الان، هي لا تعرف اي مصير ينتظرها ولا كيف تستطيع رؤيته مجددا.

" المستقبل نفسه يأتي نتيجة لماض واحد فقط. ربما سأتركه قليلا بعد، التاريخ لن يتغير بسببي ..." رددت ايفي محاولة تهدئة نفسها، " ربما ايضا، ما قاله صحيح".

يجب ان يكون هناك مصير في الظلام. ربما مصيرها ان تتركه ثانية، وعندها تعود للمستقبل ببعض القوى الغامضة.

لا، ربما ستعود الى هذه الحقبة من التاريخ ثانية، وفي هذا المكان ايضا.

الخادم الذي كان بالجوار نظر فجأة الى ايفي بعيون عجوزة، " سعادتك، ما قلته الان ... "

تنبهت ايفي وأدارت راسها، " المستقبل نفسه يأتي من نتيجة لماض واحد..."

" لا" كان الخادم العجوز متحمسا قليلا، وقفت وخطت للأمام وحدقت في عيونه الناظرة لها بإبهام. " من اين عرفت الاسم"؟

هاي، هل هي تقول ذلك؟ اي وي نظرت الى الخادم بدهشة، فقط على وش السؤال، لكن لم تنطق بكلماته بعد، قبل ان يقاطعها صوت عند الباب.

" سعادتك، وينتر يطلب مقابلتك"

كان شاب بعمر ال 17، مشى ببطء داخل غرفة ايفي وتبع باحترام الكاهن الذي يكبره بسنتين فقط مع انه بدى أكبر منه بكثير. يملك الشاب وجها واضحا وجميلا، جسده متناسق وقوي، شعره القصير الى حد اذنيه يملك لونا بنيا.

امام ايفي توقف، انحنى قليلا وقال باحترام بالغ " سعادتك، انا وينتر".

لم تتردد ايفي في رسم شخصية صينية في عقلها، وينتر. انه ليس شخصية باردة، فقط عادي، كشتاء بلا رياح. انه ليس باردا وليس حارا، لكنه يملك جوا منعشا. وبسرعة، كونت انطباعا جيدا حول الشاب الواقف امامها.

الطريقة التي ادى فيها التحية تعني ان لديه وضعا محددا، لذلك هزت راسها بهدوء واحترام، " وينتر".

ظهرت ابتسامة خجلة على وجه الشاب، واشار بيده الى الكاهن الواقف بجانبه، عندها انحنى اثنان من المحاربين امام ايفي، لكن لم يكن بهذه الانحناءة الكثير من الاحترام، انما كانت بسبب وينتر بجانبها وكانت وجوههم روتينية.

" سعادتك اخبرتني ان احضر لك اثنان من الضباط المحاربين ذوو الخبرة ليعرفوك على الثقافة القديمة وخلفيتها".

بناء على هذه الكلمات، الوجه الذي كان يقف بهدوء على الجانب تغيير فجأة، تعثر وركض للأمام سائلا بطريقة حاول ان تبدو مؤدبة " سعادتك، هل تريدين حقا الزواج من... "

صمت بانتظار اجابة ايفي، تنحى وينتر جانبا وانتظر مساعديه، جاء اثنان واحد عن اليمين والاخر عن الشمال ليساعداه في الخروج.

" سعادتك اخبرتني ايضا ان العمر جيد ايضا، انا خائف من أنى لن أستطيع خدمة سعادتك هنا بعد الان، اسمحي لي باللحاق بسعادتك على أنى خادم شخصي، قبل وصول سعادتك الى عاصمة كاش، خادمك سيتم ترتيبه بشكل منفصل".

اجبر الخادم على الخروج من البيت بالقوة، وأصبح الجو محرجا فجأة، ومع ذلك لم تتغير الابتسامة الواضحة عن وجه الشاب، الانطباع الذي كونته ايفي حول الشاب اضافت له بعض الشكوك، لم تقف فورا وتسال، وانما بقيت جالسة على الكرسي في انتظار تغيره.

يريد رمسيس استخدامها، لذلك لا أحد يهتم ان تحركت لوهلة، تستطيع الجلوس ومراقبة اي شخص يتم التلاعب به.

التفت الشاب ببطيء وقال للرجل العجوز خلفه بابتسامه " اكسي، روب، تستطيع البدء بالكلام".

خطى الجنديان الكبيران للأمام خطوة بعد خطوة، تنحنح أحدهما ليعدل صوته وقال بنبرة أريه " امنيته ان مصر تستطيع البدء بعلاقات صداقة جيده مع جو شي، وبما انه يوجد اميرة مصرية عزباء، أي وي هو الشخص الوحيد الذي يستطيع وصل جسور الصداقة بين الدولتين".

أكمل الاخر " كاش محاطة بجنوب مصر وهي جار مهم لمصر، العلاقات الجيدة بين الدولتين لها تأثير رئيسي على الوضع السياسي في مصر".

" ما سنقوله الان هي قصة من الوزير العجوز لتعريفك بثقافة المملكة القديمة وفنون الاتيكيت التي يجب ان تراعيها عندما تتزوجين".

قال الكاهن بصوت عال، ونظر وينتر باحترام، ووقف الحارس متأهبا على الباب، اخذت ايفي كاس الماء عن الطاولة بجانبها، واستمعت الى سرد المحارب، بينما تنظر الى الاناء المليء بالطين بإهمال، عندما قال المحارب " لمحاولة خدمة ملك الملك القديم" عندها حلقت كاس الماء امامه، وافرغت على وجهه، الجندي وقف فجأة، وتحول وجهه من الاحمر للأبيض، وتحول من الابيض بعدها الى الاخضر، ضلوعه الحمراء قفزت عاليا في دماغه وفجأة وقفت هناك غير قادرة على الحركة.

كان وينتر يتقدم للأمام، وكان هناك صعوبة في الصوت" سعادتك، الا يتحدث روب جيدا؟ ان لم يعجبك سيتم استبداله بمحكم اخر"

رفعت ايفي التنورة الغالية من الكتان من الصندوق بلا ملامح على وجهها، بلطف مسحت قطرات الماء التي سقطت على يديها.

" صاحبة السعادة، السيد روب خدم في الاكاديمية الديبلوماسية قبل ان ينتقل للخدمة في العرش، لقد قرأ ما لا يحصى من الوثائق وخاض العديد من التجارب، كيف يمكن ان تتصرفي بقلة احترام تجاهه؟"

القت ايفي لمحة عليه، " هل تعرف؟" وقفت بجوار الكرسي، الاصبع الابيض اشار لأنف الرجل والكهنة." اهانة افراد العائلة الملكية، سيحاكمون حتى الموت"

زواج الاميرة في مصر، لتخدم الملك القديم، هذه الجملة لا يمكن لرمسيس ان يلاحظها. على الرغم من ان الكاهنين يظهران الاحترام، لكن هذه الكلمات واللهجة التي قيلت فيها لا يمكن كبحها وتظهر الازدراء وعدم الاحترام لشخص ايفي.

لكن في هذا الوقت، كيف له ان يعرف ان ايفي، التي تعيش في هذا الجسد النحيف، هي الاميرة المسكينة التي تتنمر، مخفية تحت مظهره الضعيف، هي روح مزعجة وعنيدة.

لا يهم باي مكان وزمان، لا يمكنك النظر بدونية لايفي لا موديت.

" العبارة التي قالها الكاهن العجوز صحيحة. الاميرة ايفي بعيدة من الزواج من القدماء، من اجل تعميق الصداقة بين الدولتين في شكل الزواج. الاميرة ايفي سعيدة للاستماع للوزير العجوز لتعلم بعض من مكانة جو شي، هذا مناسب جدا، لننتهي هنا اليوم".

" توقف" قالت ايفي، مرت لحظة مزعجة، " ما هي حالة جو شي؟ هل تظن أنى لا اعرف؟ قبل مئات السنين، كانت منطقة مكونة من عدة عائلات سمراء. مع ان لديها ماض طويل، بدون طبيعة غنية، الصراع بين القبائل تغير. فبعد العديد من الحروب والتحالفات المتكررة، نشا نظام المملكة، شعب امبراطورية مصر العظيمة، هل ستكون علاقات صداقة مع شعب من الاجيال؟ لماذا؟ لماذا؟

أصبح وجه روب بلا تعابير، لم يستطع فعل شيء فقط صرخ، في هذه اللحظة، جاء الصوت بلهجة محترمة من الخلف" روب، الم تسمع كلمات صاحبة السعادة؟"

الجنديان اللذان كانا غاضبين بعنف منها لم يستطيعا فعل شيء، فقط نظروا للخلف باستغراب. لكن كان تعبير وينتر فقط كتعبيره عند دخول الغرفة، بدت الابتسامة كأنها لم تتغير والكلمات الامرة بلهجة حادة بدت و كأنها لم تخرج من فمه.

" سأخذ اوامرك، و سأنقل جميع الطلبات لسعادته" ما زال مبتسما " انسحب"

تفاجا الجنديان للحظة.

استدار وينتر واشار بيده للباب، ولم تتغير ابتسامته اطلاقا" ما دامت اوامر سعادتها، ستعاني من عقوبة الاعدام، هل تفهم؟"

تبدل استياء روب واكسي بخوف كامل.

استدار الكاهن للخلف ليواجه وينتر، حك راسه و حك راسه ايضا، همس لنفسه قائلا" يبدو ان قوة سعادتها كبيرة" بعدها استدار و نظر لايفي " صاحبة السعادة، انتي غير سعيدة، انتبهي لنفسك في الشتاء، وينتر بالتأكيد سيبذل جهده لتنفيذ اوامرك، ارجوك انتظري للحظة، بعدها انتقل الى الوزير الاخر"

استندت ايفي الى ظهر الكرسي ونظرت الى الرجل الشاب بجواره، من احترامه الظاهر، لم تستطع ايجاد ملامح نفاق منه، مع انه قال انه سيتكلم، المحاربين سيحاكمون للموت، لكن في وضعهم الحالي، ليس بالضرورة ان يأخذوا هذا الاحتمال بجدية، لكنه كان يخفي تصريح مكبوح ليعالج هذا المأزق واعطائهم وجه.

" انت لا تعرف من انا؟" لم تستطع فعل شيء وسالت. يبدو انها بدأت تدريجيا باستخدام مكانه هذا الجسد في هذه الحقبة الزمنية. فجأة الشخص ابدى احترامه لها، لم تعتد بعد على ذلك.

نظر وينتر اليها، وبدت على وجهه ملامح غريبة اطوار، وظهرت بعدها ابتسامه خجولة، نظر لايفي بمودة. " صاحبة السعادة، لا يهم من تكون، من هذه اللحظة انت تامرينا، وينتر رهن اوامرك، كل شيء يبدا من اهتمام سعادتك، وكل شيء يعتمد عليك صاحبة السعادة، لهذا لن تكون صاحبة السعادة مخطئة في شيء"

" اوه... هل هذا يعني التبديل؟" حاولت ايفي فتح عينيها بشكل طبيعي، بهدوء وببطء قالت" قطعت وعدا بالذهاب الى جو شي. انا اتفهم أنى لست بحاجة الى ارسال أحد لحمايتي. انا اريد ان اعيش اليوم الاخير قبل مغارتي بهدوء".

سقط الشاب مباشرة على ركبته " نعم، وينتر يعرف، لا أحد سيدمر المعبد في المستقبل"

نظرت ايفي الى وينتر مرة اخرى، ووقف الشاب بهدوء، مرت اشعة الشماء من رموشه الطويلة ساقطة على عينيه الجوزيتان العميقتان والشخص صاحب العينين البندقيتان الصافيتان. بشرته بيضاء عاجية، فكرت ايفي ان لون البشرة هذه لم تكن من صفات المصريين القدماء، فسالت بدون تردد" انت لست مصريا؟"

القى الشاب نظرة سريعة عليها، ابعد نظره واعاده على ايفي. كان هناك اثار دهشة بسيطة في عينيه، كما لو انها تقول" الا تعرفين؟ " لكنه لم يقل اي شيء، واجاب باحترام: " وينتر أجنبي بالفعل".

توقف ونظر بسرعة الى ايفي، مضيفا " سعادتك لا تستبعدين الاجانب فيما يتعلق بالوظائف، هذا الوينتر عظيم جدا "

هزت راسها وكانت محرجا قليلا، سعلت ونفذت الذريعة الاكثر شيوعا في كل الوقت. " انا اسف، لدي حمى بعد كل هذا الوقت، وهناك العديد من الامور يجب ان اتذكرها"

عندما فكر الشتاء في هذا، هز راسه ثانية ووقف في الخلف بسرعة. اكملت ايفي " كيف هو الخادم؟"

" صاحب السعادة طلب مني القدوم لأنه عجوز، وهو ليس قادرا على حمايتك خلال سفرك. بالإضافة الى انه تمرد ضد الفرعون سابقا، والان يجب عليه الانتقال خارج القصر"

صدمت ايفي، استعادت ملامحه طبيعتها، نظر الى راس ايفي، في الحقيقة سألته " هل تعتقد أنك تستطيع حمايتي؟ الست من اهل الكهنوت؟ هل تريد حمايتي بالصلاة؟"

في وجه سلسة الاسئلة هذه من ايفي، امسك الشاب برأسه وبصوت احتفظ فيه بأدبه واحترامه قال " ليس هناك سلام في المعبد، وينتر لا يدخر جهدا لذلك"

صمت الاثنان لعدة ثوان، كسر وينتر الصمت قائلا " إذا لم يكن هناك تعليمات اخرى من صاحبة السعادة، فانا سأغادر، سيجهز وينتر شخصا ليقوم بحمايتك خلال الحياة اليومية، سيتم تحديد موعد المغادرة و وينتر سيخدم صاحبة السعادة للتجهيز لرحلة طويلة"

عندما قال ذلك، تذكرت ايفي انه ما زال هناك شيء واحد اخير، رفعت راسها وقالت بسرعة " اريد رؤية رمسيس"

توقف وينتر واستدار تجاهها " بدون اذن صاحب السعادة، أخشى انه من الصعب عليك رؤية ... "

" لا يهم" نظرت بعينيها لوينتر، والجسد الصغير صرخ بصوت حازم لا يمكن تجاهله. وجهها الجميل كان صعبا على الرفض " انا لا أستطيع، لكنك حليفته، تعالي، تستطيعين رؤيته، سآخذك لرؤيته الان، سآخذك اليه لكن لا شيء يمكنني فعله لأجلك"

اختفت الابتسامة عن وجهه لكن صورته لم تنس من ذاكرتها. بعد وقت طويل، خدشت راسها ثانية، " نعم صاحبة السعادة، وينتر يفهم".
                                                   
  ****************
للاطلاع على الفصل الانجليزي على الرابط 

 ****************
تابعو صفحتنا على الفيس بوك للحصول على اشعارات الفصول الجديدة فور نشرها على  هذا الرابط 

إرسال تعليق

0 تعليقات