الفصل الثامن من رواية محظية الفرعون (Pharaoh's Concubine)
نقدم لكم الفصل الثامن من رواية محظية الفرعون من المدونة العربية الشاملة
قراءة ممتعه
الفصل الثامن: الكرنك.
امر بقتل كل الأطفال المولودين من بني إسرائيل. هذا اجبر موسى، الذي عايش الكارثة، لقيادة بني إسرائيل وتسلق جبال سيناء للهرب من مصر.
" ما هي عين حورس؟" امسكت ايفي بحزام من الشعر الذهبي من الصندوق الذي كان موضوعا على الأرضية، وضعت الشعر خلف راسها، ووضعت إصبع قدمها بجانب السرير، كانت لا تزال ترتدي صندلها.
نظر وينتر اليها وتعجب من تصرفها الذي لا يناسب تصرف اميرة على الاطلاق، قال مترددا " صاحبة السعادة.. في الحقيقة تستطيعين طلب خادمة..."
"لا، انا احتاج الا لمساعد واحد فقط للاهتمام بي، خادمي السابق قد ذهب، هل ما زلت تريد ان تكون مساعدي؟ أستطيع فعلها وحدي". كان في نبرتها القليل من السخرية. كانت ايفي ترتدي معطفا ابيضا قصيرا، اخذت عينيها الرماديتان تجولان بأنحاء الغرفة، جلست على طرف السرير مسندة ذقنها بيديها الاثنتين وناظرة الى وينتر" هل تعرف عيون حورس؟ اخبرني".
لم يستطع وينتر فهم مشاعره. إذا كنت لا تعرفين ما هي عين حورس، ماذا تريدين ان تفعلي بها؟ على أي حال، تهذيبه الجيد جعله يتمالك نفسه ويجيب باحترام " في الحقيقة، انا لست متأكدا، لكن هناك اسطورة عند العامة. هناك عين واحدة فقط لحورس الحقيقي وهي تستحق ثمنها"
"اوه" تنهدت ايفي ثم ابتسمت ثانية" حسنا، اذن سأذهب للخارج اليوم".
" لكن... صاحبة السعادة... هذا.." شاهد أي وي بلا تردد تخطو بخطوات كبيرة خارج البيت. ذعر وينتر، مشى خطوتين ومد ذراعيه الطويلتين مانعا ايفي من المرور عبر الباب الضيق.
" ماذا؟ " نظرت ايفي الى الأعلى وبدا وجهه جميلا لكنها لم تتوقع منه ان يتصرف بلا وعي، " لنخرج، اريد الذهاب للخارج"
" صاحبة السعادة، انت قريبا ستكونين ... اوه.. ستتزوجين من كوش، انه أكثر امنا ان تبقي في القصر"، اختار وينتر كلماته بحذر، حتى لا يستفز ايفي وتفقد لطفها. خلال يومين من التعامل معها، وجد ان هذه الاميرة غريبة الاطوار ليست بالضعف والانطوائية والهدوء التي تصفها الشائعات، انما هي كالنمر الذي يصبح شرسا إذا داس أحد على ذيله. ولذلك لم يرد ان تلقنه درسا بلا داع.
نظرت ايفي اليه ثم صفقت بيديها." حسنا، نعم انه من الغريب ان اظهر في شوارع طيبة" استدارت ومشت باتجاه كومة من الصناديق ووجدت شعرا مستعارا. في ذلك الوقت كان الشعر المستعار باللونين الأزرق الغامق والأسود منتشرين على رؤوس الفتيات، كان شكلها متناسقا تقريبا. ثم سارت باتجاه الباب. يدها البيضاء دفعت بلطف صدر وينتر قائلة " نعم، لنذهب الان، تنح جانبا".
تورد وجه وينتر، وبلطف اخذ يدها ووضعها على صدره ثم افلتها.
تركز شعور بالانتعاش فجأة لدى ايفي، ورموشها الدقيقة رفت ببطء، وبعد لحظة ارتسمت ابتسامة على وجهها ] هو لا يريد، فلنقلها[. امسكت بذراع وينتر. انه لمن الصعب جره خارج الغرفة.] يجب علي الخروج و البحث عن عين حورس، اذا وجدتها، استطيع تسريع رحلتي الى كوش. سيساعدني، وهو أيضا سعيد لكونه هنا [.
"لكن..." لم أكن اعلم كيف سأفسر أمر الخروج لوينتر، وبمهارة اجبرته على تحريك جسده الى خارج الغرفة.
" اتذهب معي؟" فبعد كل شيء ايفي لا تعرف كل شيء عن طيبة القديمة. لم ترد الخسارة. وفوق كل ذلك، يبدو ان وينتر يحظى بمكانة رفيعة وبإمكانها الوصول الى الكثير من الأماكن التي لا يستطيع الشخص العادي الدخول اليها ان كان معها.
" اتبعني، تستطيع مراقبتي ولن يلومك عندها رمسييس"
تنهد وينتر، في الحقيقة هي لم تملك القوة للخروج ... شاهد أي وي وهي تتحرك في المكان وتخرج مسرعة، لم يملك خيارا اخر سوى التحرك مسرعا واللحاق بها.
اليوم هي تريد فقط الخروج، فلتلحق بها.
في جو لطيف، لطيف للغاية كانت طيبة تلوح بالأفق وتتوهج كالشمس، والبيوت الطينية والاسمنتية كانت تشع باللون الذهبي الشاحب الجميل، طفت العديد من القوارب على النيل الأزرق تتحرك على مهل مدفوعة بالنسيم الخفيف. ارتسمت ابتسامة راضية على وجوه السكان في الشارع، حملوا محاصيلهم واتجهت ثلاث مجموعات منهم الى السوق في وسط طيبة.
كان مشهدا مزدهرا، لكن لم تملك ايفي وقتا للاهتمام به. هي تعرف انها استطاعت التسلل هذه المرة. كأداة سياسية مهمة، عندما يكتشف رمسيس تسللها، بالتأكيد سيتم حبسها ابتداء من الغد، لذلك هذا الوقت ثمين جدا، ويجب عليها التحرك بسرعة لإيجاد ادلة حول عين حورس.
كل شيء أوضح الان أكثر من الوقت الذي عادت به. في البداية، عين حوس موجودة. ثانيا، بعين حورس تستطيع المبادرة والتسريع بالذهاب الى العالم القديم. عندما يتضح الهدف، تكون الخطوة التالية بسيطة.
اولويتها القصوى الان هو إيجاد عين حورس باي ثمن، على الرغم من انها حصلت على وعد رمسيس وارتيابه وقسوته والتي ظهرت تدريجيا بعد هالة الحب التي اعتادت عليها منه. عين حورس هي مسار حياتها في العالم القديم، لذلك هي لا تخطط للسماح لاي شخص بالتحكم بحياتها.
الحب بالتأكيد هو الأكثر الأهمية، لكنه بشكل اعمى أرسلها للموت وهي رفضته. هدفها الأسمى الان هو مساعدته في رحلتها الى العالم القديم والبقاء على قيد الحياة.
عين حورس هي أكثر التمائم انتشارا في هذه المنطقة المحلية، لكنك إذا اردت تتبع الأصل والمصدر، فان أكثر مكان مناسب للبدء منه هو المعبد. باعتبار طيبة هي عاصمة مصر ومركزها السياسي والديني، فانه احتوت على أكبر وأضخم معبد في مصر القديمة. وهو مقصد ايفي المثالي لخطوتها التالية.
" إذا، لنبدأ من معبد الكرنك" قالت ايفي بشكل امر لوينتر و هما على زاوية الطريق " اذهب هناك واسال أي شخص"
كان هناك العشرات من الناس. " صاحبة السعادة، الكاهن العادي لا يملك الكثير من المعلومات عن شيء كعين حورس، الذي يمكن القول بانه بمستوى الكنز الثمين، لكن الكاهن الأعلى..."
"لا يهم" غمزت ايفي. " هل ستخسر شيئا"؟
" وينتر ذاهب حالا.." قال وينتر.
حدقت ايفي بالسوار الذهبي الذي يلبسه وينتر تحت رداءه الأبيض.
تنهد وينتر، وخلع السوار وأعطاه لاي وي. " لا يوجد شيء غير هذا السوار، إذا اعجبك يمكنك اخذه"
اخذت ايفي السوار ورسمت ابتسامة شقية على فمها. " الوزن جيد، سترى ان هذا الشيء مفيد بين يدي أكثر من البقاء على ذراعك".
ما هذه النظرية؟
لكن هذا السوار لم يبق بين يديها كما قالت ايفي، انما قامت بإعطائه مباشرة الى حداد في محددة مجاورة، و تحطم السوار.
" في هذا العصر، هذا النوع من السوار الذهبي الكبير يبقى في المتناول". بهذه الطريقة، اخذت ايفي الذهب المحطم واندفعت به الى سوق طيبة يتبعها وينتر ولونه ازرق مخضر.
لاحقا، اخذت ايفي صندوقا صغيرا كانت قد اشترته من السوق، وحقيبة صغير مع حطام سوار وينتر وذهبت على طريق كارل – الطريق الى معبد ناك- مع وينتر.
"صاحبة السعادة... هذا الصندوق..." نظر وينتر الى الصندوق الخشبي القديم، ولم يعرف ان كان مخطئا. كان صندوقا باتساع شبرين منقوش عليه من الخلف صورة التناسخ، وغطاء من الاذرع على عين حورس. الأكثر أهمية من ذلك، كان الصندوق مغلقا بقطه نحاسية صدئة. بكلمات أخرى، لا أحد يعلم ما هو الموجود بداخل الصندوق، لكن ايفي لم تتردد في شراءه. لمس وينتر انفه وببطء قال " لم أتوقع ان صاحبة السعادة تدرس التحف والاثار القديمة"
نظرت ايفي الى وينتر ببراءة " لم افهم". كانت مزحة فقط، هذه حقبة الاثار، كيف لها ان تعلم عن الاثار أكثر من الناس هنا.
شعر وينتر بالدوار. لكنه استمر بالنظر الى ايفي وابتسامة لطيفة على وجهه. "في الواقع سعر هذا الصندوق الصغير أغلى من سعر الصناديق المتوسطة الحجم.."
رمقته ايفي بنظرة بيضاء " لا يجب عليك قولها، دعني اشرح لك الامر"
" انت رجل ليتاهو، انا أيضا كاهنة. لهذا ليس من الصعب الدخول الى المعبد. المفتاح هنا هو كيف نجد المعلومات المطلوبة" نفشت ايفي انفها و رفعت الصندوق. " هذه هي الطريقة التي فكرت بها، في أولى... التي.. لا يهم. انها تدعى ال " جالبة الطوب". بكلمات أخرى، الناس تفضل تبادل المعلومات أكثر من إعطائها فقط. انا استخدم خدعة عيون الأخت في تبادل المعلومات حول كنز سري".
نظرت الى وينتر ثانية وتسارع كلامها " لا يهم ان كنت لا تصدق، نستطيع النقاش حولها لاحقا"
ابتسم وينتر قليلا وفتح رجليه بسرعة لاحقا بها.
بعد حوالي نصف الساعة، وصل شخصان لبوابة المعبد.
معبد الكرنك لا يملك أي طقوس ويسوده صمت دائم، وضعت الكثير من تماثيل الايدي وتماثيل أبو الهول على جانبي الطريق لتقود الزائرين الى المدخل الرئيس. سقطت اشعة الشمس على التماثيل معطية منظرا مبهرا، احجار الطريق بلون ذهبي مغطية بألواح رقيقة باللون الأصفر والفضي والتي تلمع بسبب الشمس والإضاءة. كان الممر ضيقا جدا ويصل المدخل الرئيس لمعبد الكرنك بمركز طيبة.
تذكرت ايفي بشكل غامض ان هذا المعبد كان اول شيء رأته عندما عادت الى هنا بهذا الجسد الغريب.
" تبين انها كان الكاهنة في معبد الكرنك..." توقفت بجانب ممر رائع وتمتمت مع نفسها.
معبد الكرنك هو أقدم معبد في طيبة. بني على مدى فترة زمنية طويلة وتم تحسينه بواسطة عدة سلالات. تماثيل الفرعون الامرأة حتشبسوت الشهيرة] م.م غنمت امون حتشبسوت، هي ملكة حاكمة مصرية قديمة، وهي الخامسة ضمن تسلسل ملوك الاسرة الثامنة عشر، حكمت بعد وفاة زوجها الملك تحتمس الثاني كوصية على الملك الصغير تحتمس الثالث[، تحتمس الثالث ] تحتمس الثالث (1425 ق.م.) سادس فراعنة الاسرة الثامنة عشر، ويعتبر أعظم حكام مصر وأحد أقوى الأباطرة في التاريخ، حيث أسس أول إمبراطورية مصرية في ذلك الوقت. ظلت تلك الإمبراطورية حتى نحو عام 1070 قبل الميلاد حتى عهدرمسيس الحادي عشر.[، رمسيس الثالث تركت خلف مسيرة الزمن، ويجب ذكر سيد العمارة رمسيس الثاني. ابتسمت ايفي، حتى في القرن الواحد والعشرين، أستطيع إيجاد أعمدة وتماثيل لرمسيس في عدة أماكن في معبد الكرنك. – ساترك صورة له-
لا بد وانه أراد للأجيال القادة ان تعرف بإنجازاته، لذلك ترك الكثير من الأشياء.
" صاحبة السعادة؟..." بالنظر الى ابتسامتها الغريبة لم يستطع وينتر فعل شيء.
لم املك وقتا لأسال، زالت ابتسامة ايفي وعيونها الرمادية الشفافة نظرت بجدة الى المعبد الضخم خلفي. " خذني الى بوابة الكاهنات"
"الا تعرفين؟" أراد وينتر حقا طرح هذا السؤال، لكن بالنظر الى الفتاة بجواره، بلباسها الأبيض البسيط، هذا الجسد الصغير المملوء بمزاجيات غريبة، صوتها الهش جاء بنبرة عادية، ليس بصيغة امر ولا بصيغة طلب، ولا يمكن تجاهله او رفضه.
سمع الكثير عن قصة الاميرة أي وي، معظم الذي سمعه كان كلاما سلبيا عنها، لا أحد منهم ذكر انها تملك الشجاعة والطلاقة بالكلام. الطبع الغير مخلص الذي تجاوز عمرها قاده الى الاستماع اليها بإرادته عدته مرات.
حك وينتر شعره ونظر الى وجه ايفي الهادئ، بياس رسم ابتسامة على وجهه كالعادة " صاحبة السعادة، لنذهب الى هناك".
اتجها جنوبا لمئات الأمتار، وبدا الجزء الرئيسي من المعبد بالظهور تدريجيا. في العادة تذهب الكاهنات للعمل في المعبد، ليس من طريق القرابين الكبير، انما من مدخل اخر. برفقة وينتر، مشت ايفي نحو بوابة حجرية ضخمة.
برؤية ان علي الوصول الى شيمن، كان هناك أصوات جري مضطربة. وقفت ايفي وشاهدت طفلا يجري باتجاهها كالمجنون.
كان الطفل بثياب رثة، وجهه وذراعاه مغطيات بالطين، لكن ذلك لم يخف ملامحه الأجنبية، بشرة شاحبه، شعر بني فاتح اللون، انف طويل وعيون عميقة.
كانت أنفاسه متلاحقة، ووقف لاهثا امام ايفي شادا طرف تنورتها البيضاء، كانت مفاصله الصغيرة بيضاء وعيونه الكبيرة مملوءة بالخوف والدموع " ارجوك.. ارجوك أنقذيني"
كان ايفيتا في نفس المكان، ينظر الى وينتر بضياع. ظهرت ابتسامة على وجه وينتر فجأة واخذ يحدق بالطفل، ومن ثم ينظر الى ايفي. أخيرا سحب معصم ايفي بلطف قائلا " لا تهتمي به"
عندما سمع الطفل كلامه، أسرع وضم ساقي ايفي وتضرعاته تتحول الى ولولة " أرجوك! أنقذيني والا سأموت! انا أرجوك"
كانت اثار اقدام الطفل خلفه فوضوية، نظرت ايفي وشاهدت عدة جنود مصريين عنيفين يحملون سيوفا وقادمون باتجاه الطفل.
عندما انتبه لهم الطفل، كان خائفا بشدة لدرجة انه اختبا خلف ايفي وحاول ضم ساقي ايفي وركبها هامسا " ارجوك، ارجوك".
وقف جندي مصري امام ايفي، رافعا يده ومشيرا الى انف ايفي بالسيف، وقال بصوت خشن " معنا أوامر بإمساك السجين واعادته معنا"
رفعت ايفي بصرها الى الجنود الذين بدو كالنمور الجائعة. كان واضحا من الزي العسكري الغير موحد وبطونهم المنتفخة قليلا انهم جنود لا ينتمون الى الفرق الرئيسية الأربعة، لكنهم هنا فقط ليتكبروا. حدقت بالطفل الذي كان يرتجف خلف قدميها، وعيونه الكبير الراجية المملوءة بالخوف.
هذا الطفل لم يبلغ الخامسة من عمره حتى...
نظرت الى الجندي بلا تعابير وقالت ببطء " ما الجريمة التي اقترفها هذا الطفل؟"
" ما الخطيئة؟" قال الجندي بوحشية " بدون كلام فارغ، هذه هي أوامر الفرعون! إذا اعترضت عليها سأقتلك معه!"
قطبت حاجبيها، أوامر من رمسيس؟ هو لن يكون غبيا لدرجة اعتقال طفل بغض النظر عن اختلاف الزمان والمكان. حتى لو كان طفلا بنزعة شريرة فان رمسيس لن يتخطى الحدود ويطلب من الطفل حياته.
ما ستقوله ايفي، اخذت خطوه للأمام، اليد الباردة قبضت على ذراع ايفي، كان عيناه مصبوغتان بنظرة غريبة. بعدها بلحظة اصبحتا لطيفتين، وفي اللحظة التالية استعادة هدوءه اليومي المعتاد مع لمحة خفيفة من البرودة فيهن " لا تهتمي بشأنه"
لم تلاحظ ايفي التغير الخفيف هذا، ثنت شفتيها لكنها لم تصدق ما يحدث. لم تصدق ان رمسيس أصدر أوامر مجنونة لا تعرف حتى سببها، فكرت ان الجنود هم من قام بتشويه معنى أوامره وتصرفاته.
حنت راسها للأمام ووضعت جميع قطع الذهب من السوار الذي تم تحطيمه قبل قليل وقالت بوضوح " هذه لك، وانا اريد الطفل"
ضحك عدة رجال وتحلقوا حولهم. امسك أحدهم بالذهب قائلا " هذا الذهب يستطيع انقاذك من خطايا القانون، لكنك لا تستطيع انقاذ طفل به، حيواتنا لا زالت هناك"
ماذا تقصد؟
"لا تستطيع فعلها؟ هذا الولد عبري! ليس فقط هذا لكنه عبري وضد الفرعون أيضا"
تدفقت الذكيرات في راس ايفي. في الكتاب بعد ثلاث الاف سنه، سجلت أكثر اسطورة دموية عن رمسيس الثاني. في هذا الوقت، قام بإصدار أوامر بقتل كل الأطفال حديثي الولادة في بني إسرائيل. هذا اجبر موسى الذي نجى من الكارثة لقيادة بني إسرائيل والتسلق فوق جبال سيناء للهرب من مصر.
قبل ان يحصل بني إسرائيل على هذا الاسم، كانوا يدعون بالعبريين.
قالت ان كل هذا هو اسطورة، لكن .. هذا الجندي العنيف، السيف البراق، يثبت ان الأسطورة غير مخطئة.
هل يستطيع ان يكون قاس حقا؟ انزلت راسها وطوت شفتيها. لا، انه من المستحيل لرمسيس ان يقضي بهذه الأوامر الغير مشروطة. تفكيره وتخطيطه الدقيق لن يسمحا له بفعل هذا. حتى ان القتل بالتأكيد سيكون بتحقق أسباب معينة. هي تؤمن به وتستخدم فهمها لحياته. هي تؤمن انه أفضل بكثير من كتب التاريخ المتهالكة.
من الناحية الأخرى، الطفل عند جانب رجلها يبدو وكانه يصرخ طلبا للدعم " لا، الامر ليس هكذا، انا لن احارب في وجه الفرعون، انا لا اريد.. انا بشكل عرضي صادفت الطفل"
أجهش الطفل بالبكاء، وابتلع رجاءه في فمه وعم الهدوء، توقف الطفل لعدة ثوان ثم انطلق يجري كالمجنون بعيدا عن ايفي، لم تتمكن حتى من قول " انتظر". استخدم يديه وقدميه للهرب مستغلا معرفته بالمكان، لكنه طفل باي حال، لا يهم كم بذل جهده في الهرب، الى متى يستطيع الاختباء؟ هؤلاء بوضوح هم الجنود الأدنى منزلة والذين سيبدؤون دائرة القتل باسم الفرعون!
" لقد هرب، لاحقوه" شدد العديد من الجنود على سيوفهم، والوجوه البشعة أظهرت نظرة متحمسة لعملية القتل القادمة، مستعدون للانطلاق في الاتجاه الذي فر منه الطفل. بذكاء جثمت ايفي على الأرض وامسكت بقبضة من التراب، ولم تتردد في رميها على وجه الجندي الضخم الذي كان يركض بجوارها. صرخ الجندي الضخم وحاول فرك عينيه، كانت ايفي تجلس على الأرض، تمسك يدها بالأخرى، قدمها الدقيقة امتدت بجارها راكله الجندي.
الجندي الذي سقط على الأرض شعر بالتوتر، لكن سكينه الطويلة في يده المتحركة بشكل عشوائي اتجهت نحو خد ايفي. رفعت ايفي يديها للأعلى بسرعة، وللحظة، نصل السكين البارد اخترق بشرة ايفي البيضاء، وانزلقت قطرة دم حمراء على يدها البيضاء.
قطرات دمها الحمراء انزلقت على يدها ثم سقطت على الرصيف ثم الى الضياع، تاركه بقعا سوداء عليه.
الطفل الهارب توقف فجأة، وعيونه الكبيرة الخائفة نظرت الى هذا المشهد بيأس، كما لو انه فقد ايمانه بان شخص ما قد يأتي لحمايته.
" ما الذي تفعله! اركض! اركض واخرج من طيبة، لا تعد الان" صرخت ايفي على الطفل، وقف الطفل مع دموعه ونظر بشدة الى ايفي، ببطء بعد اخذ عدة خطوات باتجاه ايفي، استدار وفر هاربا باتجاه الشمال.
استدارت ايفي ورات راس الجندي الضخم والشرر يتطاير من عينيه الحمراوين، رمى الحقيبة المملوءة بالذهب المحطم جانبا " ستموتين اليوم!" وتدافعت موجة من الايدي باتجاه ايفي.
" هيا تعال، خائف من أنك لا تستطيع"؟ داعبت ايفي انفها بمكر، على أي حال، الشخص الذي اعجبني لم يرد ان يكون لي. القت نظرة على الطفل وتأكدت انه لم يعد. على الأقل فعلت شيئا جيدا الان، وما زال هناك طفل جميل بالأنحاء وهناك أيضا عودة.
لكن... بالنظر الى الانصال اللامعة للسيوف، انا ما زلت خائفة قليلا...
انت.. اهربي!
أصبحت قدماها خائرتا القوى فجأة، لم تستطع النهوض عن الأرض، هذا الجسد فعليا خانها في هذه اللحظة الحرجة! تجمع الجنود من الخلف، شعرت بان سيوف الجنود ستنكسر من شدة الحر وتسقط عليها. في هذه اللحظة، سحب وينتر ايفي بقوة، وعيونه أظهرت بريقا في ضوء الشمس، امسك يديها بقوة وجذبها بعنف حتى وقفت وركض نحو مدخل معبد الكرنك.
"وينتر؟"
ركض مسرعا، وهو يسحب ايفي وبدت كأنها تطير، بدا شعرها المستعار بالتراخي تدريجيا، وانتشر شعرها الفضي خارج الشعر المستعار، كالحرير الجميل، عاكسا الضوء المبهر للألماس تحت ضوء الشمس.
"وينتر، انت تركض جيدا!". نظرت الى الخلف، بدأت المسافة بين الجنود وبينهما بالازدياد خلفهما تدريجيا’ عندها اخذت ايفي نفسا عميقا. إذا لم يكن معي، انا خائفة من أني كنت ...
المشهد حولها غدا غير واضح المعالم بسبب السرعة والركض المستمر. لم تستطع ايفي رؤية وجه وينتر، انما فقط سمعت صوت صفير أنفاسه في اذنها. وفي غمضة عين، وقف الاثنان عند بوابة المعبد. على أي حال، الباب الحجري الضخم كان مغلقا بإحكام، ولم يكن هناك أي اشاره على انه سيفتح.
"انا وينتر أيها الفتى! دع الكاهن الأعلى يأتي لرؤيتي، افتح الباب بسرعة!" امسك وينتر بيد ايفي بقوة، كانت هناك برودة جميلة في يده.
نظرت ايفي بقلق الى لجنود الذين كانوا يطاردونهم، " وينتر.."
لم ركضت الى هذه النهاية المغلقة؟ إذا لم يفتح باب المعبد هذا، سيمسك بنا الجنود. سرعة وينتر عالية. في الحقيقة، إذا ركضت بالاتجاه الاخر لم نكن لنقع بمشكلة.
" لا تقلقي" اخفض وينتر نظره نحو ايفي، ويده شدت على يدها أكثر، اظهر وجهه اختلافا بسيطا عن شكله المعتاد " لن ادخر جهدا في سبيل حمايتك"
حمايتي؟ ارادت ايفي الضحك لكنها لم تفعل، فقط قامت بهز راسها. رفع وينتر راسه ثانية وفتح فمه، كان صوته اعلى " انا وينتر، أيها الصبي أسرع وافتح الباب".
بدا العديد من الجنود بالاقتراب. وسمع قائدهم كلمات وينتر وتردد في حركته القادمة، ثم تمتم " انه من المستحيل ان يكون هو"
تقدم وينتر للأمام جاعلا ايفي خلف ظهره، نظر الى الجنود، كان معظم الجنود بضعف حجم وينتر.
لم أستطع رؤية تعابير وينتر، امسكت ايفي بحذر ملابسه عند ظهره وقالت بهمس " انت تركض بسرعة، لنركض!"
لم ينظر وينتر الى الخلف، ولم يكن هناك أي ابتسامة في صوته " يجب ان يدفعوا الثمن"
حرك الجنود سيوفهم، والانصال الحادة أصدرت لمعانا قويا بسبب انعكاس ضوء شمس الظهيرة عليها، وجاء صوت قاصف تردد في اذنيهما " لا تمزح معي، انت من ستدفع الثمن.."
هذا الإعلان المتغطرس لم يكتمل، البوابة الحجرية فتحت فجأة خلفهما وسمعت أصوات تسليح بمعدات حربية وانفاس مضطربة، نظرت ايفي خلفها ورات حراس المعبد يندفعون باتجاه وينتر. خرجت الصفوف بعد الصفوف ووقفوا بجانب وينتر والأسلحة اللامعة اشارت باتجاه الجنود الذين كانوا قد وصلوا جميعا. بعدها ظهر الكاهن بلباسه الكامل فاصلا بين الجانبين. الكاهن الشاحب كان ممسكا بصولجان بشكل الافعى، بينما كان يتعرق، كان وجهه مليئا بابتسامات الاحترام.
لم ينظر وينتر الى الخلف، فقط قال بهدوء " انت متأخر جدا"
"السيد وينتر، سيد وينتر.. انا اسف جدا. انا لا اعرف، اليوم في القصر ..." قال الكاهن الأكبر معتذرا ومشى الى الامام. اردت ان أكمل لأقول شيئا. بعد رؤية ايفي، اسرعت بالإيماء براسي عدة مرات. استدار جانبا وقال باحترام أكبر" صاحبة السعادة ايفي هنا، نحن نرحب بك كثيرا، انا اسف جدا، انا اسف جدا"
السيد وينتر؟ صاحبة السعادة أي وي؟
أصيب معظم الجنود بالرعب، وبعد عدة ثوان بدأت اقدامهم بالارتجاف.
" السيد وينتر، صاحبة السعادة، كيف يجب التعامل مع هذا الامر؟" كان وجه الكاهن مملوءا بالضحك وقال لوينتر.
نظر وينتر الى ايفي، عيونه العميقتان تركزتا على ذراعها المجروحة. للحظة، مدت ايفي يدها لشعرها ومسدت شعرها الفوضوي، وعادت لوجهها ابتسامتها الطبيعية الفريدة. رفع نظره عنها ثم نظر الى الكاهن الأعلى.
" صاحبة السعادة كانت تبحث عنك لأمر معين، هؤلاء الجنود سأتصرف معهم شخصيا، انت الان تستلم صاحبة السعادة"
تغير وجه الكاهن الأعلى، ومسح عرقه ثانية بشكل غير شعوري. واتجه مباشرة الى ايفي قائلا " صاحبة السعادة، ارجو ان تتفضلي بما تريدين"
امسكت ايفي بزاوية ملابس وينتر وقالت بقلق " هل هذا جيد؟" تستطيع ايفي فهم عدم رضا هؤلاء الناس عن وينتر، لكنه لن يظهر فنونه القتالية اطلاقا، هل سيندفع بسبب غصبه، ويسبب الضرر لنفسه؟ وينتر شاب جيد ولا تريد ان تراه يتأذى.
ضحك وينتر" لا يهم، انا سأقود حراس المعبد للتعامل مع هؤلاء الجنود. وانت صاحبة السعادة يجب ان تذهبي للتكلم مع الكاهن الأعلى. يجب علينا العودة الى القصر قبل مغيب الشمس، ويجب ان نضمد يدك"
اوما الكاهن الأعلى برأسه وقال " قال السيد وينتر ان صاحبة السعادة ستتناقش بأمر ما"
ترددت ايفي بالنظر الى وينتر، واجالت بنظرها الى حراس المعبد بسيوفهم. ونظرت الى الجنود المرتجفين خوفا عند البوابة. قلبها القلق أخيرا هدا، أومأت براسها قليلا ونظرت الى الكاهن الأعلى قائلة باحترام" أيها الكاهن، هناك ما اريد التحدث عنه معك"
تنحى الكاهن جانبا بسرعة وباحترام ترك الطريق مفتوحا لها، ارجوك ايفي امشي الى الداخل. نظرت ايفي الى وينتر الواقف خارج الباب، ومن ثم خطت الى الداخل وتبعها الكاهن الأعلى الى داخل المعبد. اوما الكاهن الأعلى الى الخلف ومن ثم سمع صوت هدير كبير ناتج عن اغلاق البوابة وتم فصلهم عن وينتر وحراس المعبد و الجنود.
........
صورة لمعبد الكرنك
.............
يمكنكم اقتراح روايات اخرى لتتم ترجمتها على مدونتنا من خلال صفحة التواصل معنا او من خلال التعليقات. كما يمكنكم متابعة صفحتنا على الفيسبوك للحصول على اشعارات الفصول فور صدورها.
0 تعليقات